لكـاتب: |
م. محمود عنبر |
هل يمكن أن تتم إزالة مدينة دمشق القديمة عن الخريطة بقرار إداري؟ وهل من صلاحيات محافظة دمشق إزالة المدينة القديمة أم الحفاظ عليها؟ وهل تهرب المحافظة استحقاق (دمشق عاصمة الثقافة العربية) بهدم أي ملامح لهذه الثقافة؟
الفجوة الثقافية في مدينة دمشق:
أول ما يتبادر للذهن حين ما تم الإعلان عن دمشق كعاصمة للثقافة العربية في عام 2008، أن المجلس البلدي للمدينة سيستغل هذه المناسبة لترميم بعض جوانب النقص في الحياة الثقافية في المدينة، فيقوم بتفعيل دور المسارح وصالات العرض والمكتبات العامة ومقاهي الإنترنت والمراكز الثقافية، وربما تحسين مستوى الخدمات، وغيرها من أوجه الحياة الثقافية في مدينة ما، وبما أن دمشق تعاني من نقص (كمي وكيفي) في الواقع الثقافي للمدينة، فإننا قد كنا نتوقع أن تحرص المحافظة على ردم هذه الفجوة بما يرسل رسالة إلى زوارنا تدل على أننا لسنا أقل من أجدادنا اهتماماً بالنواحي الثقافية، وبالتالي فهناك ارتباط بين الماضي والحاضر، وما الشواهد التي يعود بعضها للعصر الأموي، والآخر للعصر المملوكي إلا محطات في تاريخنا، ولكن يبدو أن المعنيين في المحافظة قد قرروا سلوك الطريق الأسهل، وهو إزالة معالم المدينة القديمة بما يزيل عنهم حرج تفوق أجدادنا علينا.
بماذا تميزت حلب؟
بعد أن كنا في العام الماضي نتحدث عن حلب (كعاصمة للثقافة الإسلامية) وننتقد المجلس البلدي في مدينة حلب على عدم بذل ما يكفي لإبراز حلب كعاصمة للثقافة الإسلامية، يبدو أنه يجب علينا أن نوجه اعتذاراً لمجلس مدينة حلب، فعلى الأقل قد حافظ المجلس على المدينة ومرر الحدث دون أن يزيل المدينة القديمة، فالقلعة مازالت مكانها والجامع الكبير، والأسواق التي حول الجامع الكبير، وغير ذلك من المواقع الأثرية القديمة، وبالتالي ربما أكثر ما يمكن أن نطمح بتحقيقه في دمشق هو أن نحمي المدينة القديمة لنمرر مناسبة دمشق عاصمة الثقافة العربية بسلام.
صرخات المثقفين:
لا أدعي بأني من المهتمين في مجال الآثار، ولكنني بدأت بالاهتمام بما يحدث من كثرة (العرائض الإلكترونية) التي بدأت تجول حول العالم وتتحدث عن الكارثة التي ستحل بدمشق القديمة في حال نفذت المحافظة خططها، وقد حاولت أن أقوم بجولة عبر الإنترنت، وقد فوجئت بوجود إجماع حول تقييم ما يحدث كجريمة بحق المدينة، وإلى ذلك من العبارات، ولا يشذ عن هذا التقييم أحد (طبعاً باستثناء بعض موظفي المحافظة) الذين مرروا معلومات حول ميتم سيد قريش (وكونه حديث العهد)، وتبين (للمختصين) بعد أن هدم أنه ليس كذلك، ولا ندري ما هي طبيعة المعلومات الأخرى التي تم تمريرها لهدم أماكن مثل (حي الحمراوي وحي المصطبة الخضراء وسوق الصاغة القديم وسوق القباقبية والشارع المستقيم وزقاق الخجا وزقاق الشريف وزقاق الزهر وزقاق معاوية الصغير و سوق المناخلية والعمارة وسوق النحاسين)، ولماذا يجب أن نسمع للموظفين ونتجاهل آراء الخبراء والمؤرخين في هذا المجال، وخاصة ما يتعلق بالخلفية التالية لقرارات الاستملاك التي يتم العمل على تنفيذها الآن.
اقرا المزيد… “دمشـق القديمـــة بين بلـدوزر المحافظـة وصرخـات المثقفين” »