“أنتم تختبئون وراء الرب كلما كان ذلك في مصلحتكم”.
مسلسل “هاند ميد تيل” أو “حكاية أمة” مأخوذ عن رواية للكاتبة الكندية الفائزة بجائزة البوكر العالمية “مارجريت اتوود”، وظهرت الرواية عام 1985، ثم تم تحويلها إلى فيلم سينمائي عام 1990، ثم تم تحويلها عام 2017 إلى مسلسل من 4 أجزاء على يد بروس ميلر الذي تولى التأليف والإخراج، بينما كانت البطلة الرئيسية للمسلسل، الممثلة إليزابيث موس، والتي شاركت أيضًا في الإنتاج والإخراج.
يدور المسلسل حول حرب أهلية تقع في الولايات المتحدة الأمريكية، تعقبها ثورة تظهر على إثرها دولة جلعاد، وهي دولة ثيوقراطية أي تقوم على أساس ديني من الكتاب المقدس ونصوص من التوراة، ويؤكد قادتها أن سبب قيام دولتهم هو الحرب ضد من خرجوا على الدين، وتسببوا فى انتشار الأمراض والتلوث البيئي الذي دمر الأراضي الزراعية فلم يعد من الممكن الحصول على طعام جيد، وانخفضت معدلات الخصوبة بين الرجال والنساء، فقل عدد المواليد بشكل كبير، وتتحول النساء في جلعاد إلى مواطنات من الدرجة الثانية، فلا يُسمح لهن بالقراءة أو الكتابة أو المشاركة بالرأي في كل مناحي الحياة، فقط دورهن الإنجاب وتربية الأبناء.
وجلعاد تدعى المساواة وأنها قامت من أجل العدل، ولكنها تعتمد على الطبقية، فهناك طبقة الحكام وهي القادة، وهناك طبقة العيون، وهم جواسيس، لضمان تنفيذ الأوامر في جلعاد، وعدم الخروج عليها، الحراس، المواطنين العاديين، والخادمات اللواتي يقمن على شؤون منزل القادة، وهناك فئة مختلفة وهي المنجبات، وهن السيدات اللواتي يتم أسرهن، من أجل أن يقمن بالإنجاب والحمل من القادة من أجل زيادة عدد السكان فى جلعاد.
“جون أزوبون” سيدة تتعرض للخطف هي وابنتها في مدينة جلعاد، يتم تسكين ابنتها “هانا” مع أسرة لقائد في جلعاد، أما “جون” نفسها فيتغير اسمها إلى “أوفريد” -تقليد في جلعاد أن تسمى كل منجبة باسم القائد الذي تعيش في منزله- وتخدم في منزل قائد آخر هو “فريد” لأن زوجته “سيرينا” لا تستطيع الإنجاب، وتُجبر “جون” على معاشرة “أوفريد” جنسيًا مرة كل شهر، في ظل طقوس دينية ونصوص توراتية يتم تلاوتها في محاولة لجعل الأمر مقبولًا اجتماعيًا.
خيال علمي هل المسلسل كذلك حقًا؟
يوصف مسلسل “هاند ميد تيل” دومًا بأنه خيال علمي محض، أو ديستوبيا وهي كلمة إنجليزية أصلها يوناني، ظهرت لأول مرة في البرلمان الإنجليزي عام 1868 م، وترجمتها بالعربية “أدب المدينة الفاسدة” وهو مجتمع خيالي يسيطر عليه الشر المطلق والفوضى، والعنف، ولكن هل مسلسل “هاند ميد تيل” كذلك؟! هل أحداثه غير موجودة في الواقع الذي نعيشه، ونعايشه؟!
الإجابة قد تكون مخيفة، وهي لا، مسلسل “هاند ميد تيل” موجود بكامل أحداثه في دول عربية وأجنبية، بل أنه موجود في واقعنا المصري في بعض أحداثه التي تركز على المرأة، فالفكرة التي تسيطر على المسلسل بأن الإناث الوعاء الأساسي للإنجاب والتربية، بينما تواري المرأة نفسها ككيان إنساني وفكر له الحق في ممارسة حياته بحرية ما زالت موجودة فى بعض المجتمعات في مصر، خصوصًا الريفية والصعيدية.
ومسلسل هاند ميد تيل رغم رمزيته، إلا إنه كان موجودًا في الحملة التي أطلقتها النساء المصريات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاج “الولاية حقي” للمطالبة بأن يكون لهن الحق في الولاية على أبنائهن في حالة غياب الزوج لأي سبب من الأسباب، فالنساء في دولة جلعاد ليس رغم كونهن الوعاء الأساسي للإنجاب والتربية، إلا أنهن في النهاية ليس لهن حق في أبنائهن، فكل شيء يعود إلى الأب فقط.
التقديم مقتبس من موقع اراجيك