يقال أنه في إحدى حدائق واشنطن و بجوار السور الطويل هجم كلب مفترس على طفل غافل يلهو بين الأشجار العالية، ووسط ذهول الحاضرين و ارتباكهم وعجزهم، كادت الغابة والأدغال العتيقة أن تنتصر على مدنية أكبر العواصم، ودون تفكير بالمخاطر قفز شاب مدفوع بإنسانيته النبيلة و إيمانه القوي ليبعد خطر الكلب عن الطفل، فتحولت شراسة الكلب المتصاعدة إلى صدر الشاب ليكون الضحية المحتملة في مشهد درامي شبيه بأفلام هوليود،
ولكن صلابة الحق و التمسك بالحياة و رعاية الله ساعدت الشاب للتمكن من عنق الكلب وخنقه، فحسمت المعركة لصالح الطفولة البريئة والإنسانية الأصيلة. هرول الحاضرون وعلى وجوههم علامات الشكر والإعجاب مهللين و مباركين شجاعة الشاب، وكان بين الجموع صحفي مرموق في كبريات جرائد العاصمة و بعد تقديم عبارات التقدير و الثناء خاطب الشاب قائلاًً: سأكتب مقالة تكريماً لشجاعتك على صدر الصفحة الأولى في جريدتي بعنوان( بطل من واشنطن أنقذ طفل)، فرد الشاب مهلاً يا سيدي أنا لست من واشنطن، فرد الصحفي لا عليك سأكتب بطل من أمريكا ينقذ طفل، فرد الشاب مهلاً يا هذا أنا لست من أمريكا، فرد الصحفي مكفهر الوجه غاضب الكلمات، إذن من أين أنت فقال الشاب: أنا من الباكستان. أتت الكلمات كالصاعقة على الصحفي مدوية كالحقيقة العطشى للصراخ على شفاه الناس، فالبطل ليس من بلاد العم سام و البطولة أتت من خلف البحار،
أشاح الصحفي بوجهه و تسلل بين الجموع متوارياً حاملاً خيبة التقدير وخاسراً فراسة التحليل، وفي اليوم التالي صدرت الصحيفة وبين زوايا صفحتها الأولى عنوان عريض يقول (باكستاني متشدد يخنق كلب ). فكانت الكلمات طعنة غادرة سقطت وسقط معها صدق الأقلام وشفافية التعبير، و تناثر ريش الصدق على مخالب الصخور المتحضرة، إن نصف الحقيقة هي صرخة كذب جعلت من الإنسانية تهمة ومن العمل النبيل إرهاب، اختفت الوردة بعطرها وجمالها وعرضت الأشواك بإبرها وقبحها. فأصبح الكاتب نصف صحفي أي نصف صادق، لقد أهان نفسه قبل أن يهين الحقيقة التي تغازل التحف الغالية خلقت لتبقى قطعة واحدة كالوجه الجميل يسبح الخالق العظيم، كزجاج المزهرية كل تقسيم فيها يعني تكسيرها. كالآيات القرآنية نصفها يعني عكسها ( لا تقربوا الصلاة ……..).
نصف القول هو نصف الاحتيال ونصف الأخلاق، ونصف الأديب منافق بنصف ضمير يتنقل بين المتناقضات يتجول بين الأكاذيب ويسير مع النعماء دون ضوابط الالتزام، إن أعظم العبارات ما كان لها ثمن غالي تهز بقوة عروش الباطل وتصفع وجوه الظلم والظلام. فكم شوهت الحقيقة بقول نصفها وكم شهادة تحولت إلى زور بتجزئتها، إن الحقيقة تساوي الكرامة بعزتها و شموخها. كم رددت وسائل إعلام غربية أخبارا لانتفاضة المباركة في فلسطين بعناوين مريبة من قبيل ” وقعت صدامات مسلحة بين الفلسطينيين و الإسرائيليين وسقط نتيجتها العشرات بين قتيل و جريح). و توهم المواطن الأوربي بأنه عرف الحقيقة الكاملة، والصحيح أنه سمع نصفها الماكر لقد ساوى الخبر بين الجلاد و الضحية بين الظالم و المظلوم بين الشعب الأعزل و الجيش المحتل الغاصب المدجج بالسلاح، وتجاهل أن الضحايا كلهم من الفلسطينيين. و السؤال المطروح دوماً:
هل تقال الحقيقة كاملة في وطني؟. فيحدد المسيء المخطئ و يحاصر المرتشي الفاسد، ويصدر القضاء أحكام تعبر عن حقائق الجرائم المرتكبة بحق الوطن والمواطن، هل يكرم المجد المخلص ليصبح مثلاً وقدوة للفضيلة؟ هل يستبدل المدير الانتهازي الجاهل بآخر شريف لديه الأمانة و العلم و الضمير، متى تلغى المحسوبيات النتنة و العصبيات المريضة، ثم هل توجد الإرادة الكاملة عند مديري المؤسسات لسماع الحقيقة، إذن لماذا نقرأ الانتصارات ونرى الهزائم، لماذا نتغنى بالتقدم و نلمس الجهل و التخلف، لماذا نشاهد عكس المكتوب، لماذا نسمح جعجعةً ولا نرى طحناً. أخيراً أ قول أيها السادة لا تقعوا في فخ أنصاف الحقائق، إن الحقيقة الكاملة دواءٌ للقلوب و تكريمٌ للعقول و تعطيرٌ للألسن و تقربٌ من الله، إنها الدرة المميزة واسطة العقد الثمين، الكذب يهدم الأوطان فلا تلونوه تحت عناوين من الحجج الفارغة و الشعارات المضلله، إن الحقيقة روح الله فلا خير في من لا يقولها ولا خير فيمن لا يسمعها، هي الفجر المشرق والمنارة الخالدة، دعونا نوجه إبر البوصلات باتجاهها لتصبح الحياة أجمل و الوطن العزيز أقوى، وكل حقيقة وأنتم بخير.
فيصل سَبوع
والله مهما فعلا من اعمال الخير سوف نظل نحن الارهارب ونحن المتهمون
ولكن الله لهم بالمرصاد فكل يوم يدخل الناس فى دين الله افوجا بسسب صدق المسلم وزيف الباطل
الحمد لله الذى جعل من امه محمد مثل هذا المتشدد