والله يا حسين أغا ليست مضمونة هذه الأشياء . ضربته لم ينصلح، شتمته كذلك لم ينصلح قلنا قد يتحسن هذا الترس فيما لو خدم في الجيش، ذهب وخدم، إلا أن أموره لم تتبدل. إذن زوج هذا الكلب، زوجته والحال بقي كما هو، وفي النهاية، لم يبق أمامنا إلا طرده من الضيعة. تستغرب عندما يخرج من ضيعة إلى ضيعة أخرى كيف يعود إلى جادة الصواب ويصبح آدمياً بكل معنى الكلمة.
لا أحد يصبح عظيماً في محله فكما يقول المثل “زمار الحي لا يطرب”.
[ad]
حتى أنبياؤنا فقد واجهوا أول ما واجهوا معارضة كانت داخل قبائلهم. نعم هذا صحيح، هل سمعت بأن أحدهم أصبح نبياً بين أهله؟
حتى نوح عليه السلام قالوا له لن نعترف بنبوتك. هكذا عاملوا النبي العظيم.
لا يجوز يا حسين آغا، الكلمة هنا في البداية لا تفيد، عليك باستخدام العصا عندما لا تفيد العصا، قلت لك أرسل هذا الملعون إلى العسكرية لأن صفعات قائد الفصيل تحول الذئب إلى كلب أليف، عندما وجدت أن هذه الصفعات أيضاً لم تفد إذن زوجه، لأن الزوجة تعيد النذل إلى صوابه، وعندما وجدت أن الزواج أيضاً لم يكن ناجعاً اضربه على قفاه واطرده.
في قريتنا كان خنزير اسمه مراد، لم تشهد قريتنا مثل هذا المنحط التافه، ابنك يا صديقي عندما تقارنه به تجده كأنه معجون بماء الورد.
عندما كان في العاشرة في عمره كان يضرب أمه وأخته. ضيق علينا عيشتنا وجعلنا نشعر بقريتنا الكبيرة صغيرة، قلنا له ولك يا بني، يا مراد لا تقم بهذه الأفعال الشائنة. لكن لا جدوى.. راح يثبت النعال المعدنية على أقدام الكلاب ويربط التنكات على أذيال القطط. يدلق الماء من المداخن. يقوم بما لم يقم به الشيطان.
ذات يوم ذهبن إلى صلاة الجمعة. الجميع هناك، تأخر الإمام قليلاً من يشاهد وجه الإمام عندما قدم يستقلي أرضاً من شدة الضحك. تحول وجهه إلى لوحة فنية، لونها الخنزير بالأخضر والأحمر والأصفر والأزرق يعني بكل الألوان.
عندما دخل الإمام ألقى التحية وقال:
– السلام عليكم.
لم يستطع احد منا الرد على تحيته، لأننا كنا نفرقع من الضحك. يومها قام هذا الخنزير بتخطيط وجه الإمام بإصبعه بالألوان عندما تمدد تحت شجرة بلوط كبيرة بجانب بحيرة وغفا نائماً. أمسكنا بذاك المنحط ورحنا نضربه “ولك ماذا فعلت”؟. صمت بداية ثم قال لقد قمت بذلك كي أثبت لكم أن الإمام يصلي فيكم دون وضوء. بالفعل لو توضأ الإمام يومها لأزيلت الألوان من على وجهه . لاحظ الخنزير ما يقوم به الإمام لذلك فعل فعلته.
بطحناه على الأرض ورحنا نضربه ضرباً مبرحاً، دون أن يتفوه بكلمة واحدة.
والله يا حسين أغا إن الحديث عن خنزرة هذا الخنزير لا ينتهي، عندما بلغ الرابعة عشرة من العمر، أخذ أرملة كانت في ضيعتنا كنا نسميها الحاجة فاديك، أرملة تجاوزت السبعين من العمر واتجها إلى الجبل، وبقي معها هناك ثلاثة أيام.
رحنا جميعاً حيث كانا موجودين، وإذ بهما في وكر للذئاب، مغارة مهجورة في أعلى قمة جبل جرداء.
هذا الخنزير وبجانبه زجاجات العرق يصفق وهي ترقص، عجوز شمطاء ترقص وهي عارية تماما.
وانهلنا عليه بالضرب “ولك يا منحط .. يا عديم الشرف” بصقنا على وجهه “ولك وسخت صورة قريتنا في حياتها كلها لم تشاهد مثل هذه الدناءة وهذه الحقارة”.
قال لنا هذا الخنزير متفاخراً “هدفي هو عمل الخير، وجبران الخاطر، لأنكم لم تلتفتوا إلى هذه الفقيرة ولم تسألوا عن حالها وأحوالها”.
رحنا نضربه بكل ما أوتينا من قوة بينما اختبأت الخالة فاديك خلف ذاك الخنزير كي تستر نهديها ثم راحت تتوسل إلينا قائلة:
“اتركوه.. انا موافقة على ذلك فهو بمقام حفيدي، وليفتدى بألف فاديك كرمى لشهامته..”,
أثناء ذلك استطاع ذلك الخنزير أن ينسل من بينا ويهرب مثل الكلب السلوقي وهو يصرخ : “ولك قوادين، طالما أنا راض بذلك والخالة فاديك راضية فما دخلكم أنتم”.
آه يا حسين أغا أه، لم تشاهد مثل هذه الوقاحة ولن تشاهد، مهما تحدثت لك عن أفعال ذلك الخنزير فلن أنتهي.
ذات مرة شب حريق في قريتنا وعلى أثرها لف الدخان كل أرجائها تقصينا عن مكان الحريق، وإذ بمتبنة سيمين تلتهمها النيران من كل أطرافها. مسكين سيمين هو مناوب في الثكنة وزوجته الشابة وحيدة في البيت والمتبنة تلتهما النيران من كل جوانبها ولك لا يقوم بهذه الفعلة إلا الخنزير مراد. لذلك أمسكنا به، ولك لم قمت بذلك يا خنزير؟ لم يلحق أن يقول انتظروا قليلاً لتعرفوا لماذا قمت بذلك وإذ بصوت رجل وامرأة يسمع من الداخل:
أنقذونا.. إننا محاصرون. وصلت النيران حتى الباب والنافذة.
ظهر المختار وزوجة سيمين قرب النافذة قبل أن نتساءل من عما صاحبا الصوتين.
– يا مختار، ماذا تفعل في متبنة امرأة زوجها غائب؟
– لا تسألوني، حاصرتنا النيران بينما كنت أحاول مساعدتها.
قلنا وبما أن ارتفاع النافذة قدر علو حمار:
– ولم لا تقفز يا مختار؟..
– لا أستطيع لأنني عار ليركض أحدكم إلى البيت ويحضر سروالي.
آه المختار أيعقل أن يهرع المرء إلى مكان الحريق عارياً؟ من الواضح أنه عندما سمع بالحريق نهض من فراشه وهرع نحوه كي يطفئه، أليس هو مختار الضيعة؟.
بينما كانت تلك المرأة تصرخ من الداخل:
– أمان يا جيراني، إننا نحترق، أحضروا لي ثيابي وحذائي.
– ولك وهل زوجة سيمين أيضاً هرعت عارية نحو الحريق.
حذرنا ذلك الخنزير قائلاً:
– إياكم ان تفكروا بمساعدتهما وتحضروا لهما السروال والمنامة، والله أحرق بيوتكم ومتابنكم وسأهدمها فوق رؤوسكم.
يفعلها هذا إن رغب.. لأنه بلاء فوق رؤوسنا.
ضبط المختار وزوجة سيمين عاريين ليلاً لذلك أخفى ثيابهم ثم هرب بعدما أشعل النار في المتبنة.
لقد تورط المختار بمصيبة مخجلة، لذلك فهو لا يستطيع الخروج عارياً. التمّ جميع أهل القرية على صوت شجار المختار مع زوجة سيمين على بردعة حيوان مع مسنده وجداهما داخل المتبنة كل منهما يحاول ستر عورته بهما.
قالت له وهي تصرخ به:
– هيا اخرج فأنت رجل لا يهمك إن كنت عارياً.
أجابها المختار قائلاً:
– ولك يا بنة “***” أنا المختار هنا من يوم يومي، أيعقل أن يظهر المختار أمام الخلق بهذا الشكل؟
ألقت زوجة سيمين بنفسها من النافذة عندما سقطت بصة نار على شعرها الطويل وهي تصرخ بأعلى صوتها:
– يا قوم ليغض الرجال من أبصارهم لأن النظر إلى العورة إثم كبير. وهربت إلى بيتها وهي تستر عورتها من الأمام بيد ومن الخلف بالأخرى. ومن خلفها قفز المختار من النافذة شاداً على ظهره بردعة الحمار كمئزر حمام ومن فوقها وضع اللباد ليركض على أربعة.
– ضج الجميع بالضحك حتى أنهم نسوا الحريق والمريق.
يا أخي حسن أغا إن فصول ومقالب هذا الخنزير مهما عددت فهي لا تنتهي. لذلك نفض الجميع يده منه. ليس خنزيراً فحسب لذلك اتفقنا بأن نرسله إلى الخدمة العسكرية كي نتخلص منه ومن مصائبه، وجدنا شاهدي زور، وكبرنا في عمره في المحكمة؟. وهكذا أرسلناه إلى الخدمة الإلزامية. أتعرف ما معنى صفعة العريف؟ نعم. فليصفع وليضرب كي يصبح بني آدم”. وبعد ستة أشهر إذ بنا نسمع بأنه رقي إلى رتبة عريف.. ولك لن تجد الآن من يصفعه ويؤدبه وهذا يعني أنه سيخلق الفوضى داخل الجيش. بعد مضي عام على التحاقه بالخدمة العسكرية سمعنا أنه رقي إلى رتبة رقيب، وهكذا راح أهل القرية يضربون ركبهم تندراً. ولك هذه العسكرية لو تستمر معه خمس سنوات، عشر سنوات لأصبح برتبة نقيب أو رائد.
هذا يعني أنهم حددوا الخدمة الإلزامية بسنتين لمثل هذا الخنزير وأشكاله. وبعد مضي عامين عاد الخنزير مراد نمرودا. ولم يستطع أحد الاقتراب منه لشدة غطرسته وغروره وهكذا أصبح يطلق على مراد هذا بـ مراد شاويش، راح مراد شاويش وأتى مراد شاويش.
ياهوه.. ! لم نستطع التخلص من أ‘ماله عندما كان مراد الخنزير، فكيف الحال الآن وقد أصبح العريف مراد؟ أيعقل أن نقف أمام تصرفاته بعدما أصبح العريف مراد؟
نعم هذا ما حصل، وهكذا، صرنا نعاني منه الأمرين.
اجتمع أهل القرية واتفقنا على أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يلجمه هو الزواج، لنزوجه وليقع على وجهه طب. قال يومها أنا اليوم العريف مراد لذلك لا أرضى إلا بالزواج من فتاة أختارها، ولا أدفع مهرها وطلب الزواج من ابنة شكري أغا . شكري أغا هذا رجل كل ما تحمله هذه الكلمة من معنى. وهذه الفتاة وحيدته، وأي فتاة مثل الوردة والله.
اجتمعنا واتجهنا إلى شكري أغا وقلنا له:
– أمان يا شكري أغا، حل كل المشكلات باتت متعلقة بك هيا لنتكاتف ونضع حداً لهذا الخنزير، وإلا سنهاجر جميعنا من القرية. لقد جعلنا نشعر أن القرية الكبيرة قد ضاقت في وجوهنا. سنجمع فيما بيننا كل ما تطلبه مهراً لابنتك.
وهكذا زوجنا مراد الخنزير. لكن على ما يبدو أنه ازداد خنزرة بعد زواجه، كان الجميع يتجه إلى عمله أما هو فيشرب ليسكر وبعد ذلك يصرخ قائلاً:
– ولك يا أنذال إنكم توفون الرجل الحي، وتزوجونه بامرأة ميتة لتستولوا على تركاته سآخذ منكم “خوة” وستنفقون علي.
قلنا له اصمت ولا تفضحنا وسننفق عليك، لكنه على العكس كان يزيدها علينا بعد سكره.
ذات يوم اجتمعنا في مقهى القرية مصطحبين معنا ذاك الخنزير ، قلنا له:
يا بني يا مراد..! يا حضرة العريف..! قل لنا ما حاجتك كي نلبيها؟.
لكن ماذا تتوقع أن يقول ذاك الخنزير؟.
– نصبوني مختاراً عليكم!!!
– انظر إلى هذا الكلب ماذا يطلب . سيمرغ وجه القرية تماماً بالوحل.
– غضب كثيراً عندما لم نلب طلبه.
– إذا كنتم غير راغبين بذلك إذن عينوني إماماً.
ولك أيعقل أن يصلي المرء خلفه؟
وهكذا ازداد هذا الخنزير ضراوة وشراسة. راح يقاوم بمهاجمة البيوت بعد إرسال النساء إلى الجبل وينهب المواشي ويحرق الحقول. لقد أذاقنا الويل.
– ليس أمامكم إلا أن تعينوني إماماً وإلا سأنهيكم وسأقضي عليكم.
نعم، قلنا لنقض عليه قبل أن يقضي علينا. اقتحمنا البيت وهو نائم وأوثقناه بالحبال وكورناه وحملناه إلى الجبل، وهناك قلنا هيا يا شباب تجاسروا وليضربه كل من يحب الله، وهكذا راحت العصي تتهاوى عليه حتى جعلناه كالقطن المندوف.
– تريد أن تصبح مختاراً هاه!؟. خذ هذه عصا المخترة.
– وهذه عصا الإمام.
كلب بسبع أرواح، انتفض وفلت من بين أيدينا، ثم وقف أمامنا صارخاً:
– دعوني أصبح إماماً لأريكم أيها القوادون العهر.
راح يترنح بمشيته ثم ابتعد.
هيا اترك القرية وخلصنا من بلائك، وإن شاء الله تصبح ليس إماما فحسب بل شيخ المشايخ.
هكذا تخلصنا من هذا البلاء بهذا الشكل يا حسين أغا، وبذلك ارتاحت القرية.
بعد فترة طويلة أتى شهر رمضان المبارك، حتى أننا نسينا اسم هذا الخنزير. اتفقنا مع أحدهم كي يصبح إمام جامع القرية. رجل مبارك لدرجة أنك لا تقبل يده وحسب بل قدمه، إمام تقي ورع. كل حديثه هداية وكرامة.
بعد انتهاء شهر رمضان قلنا له:
– ابق هنا وندفع لك كل ما تريد.
لم يتركنا الإمام وبقي في قريتنا.
بعد فترة طويلة أتانا من قرية بعيدة.
نحو الظهيرة سمعنا ضجة من الجامع ظننا أن الجامع سيتهدم. هرعنا إلى الجامع وشاهدنا ذاك الزائر وقد بطح الشيخ تحته منهالاً عليه بالضرب. خلصنا الشيخ من بين يديه بصعوبة بالغة وبطحنا ذاك الزائر على الأرض وقلنا له:
– أترفع اليد على شخص جليل مثل هذا الشيخ المبارك؟
راح الزائر يصرخ قائلاً:
– أي مبارك هذا.. إنه البلاء الأعظم في قريتنا لقد خدع زوجتي وأخذها إلى الجبل، دعوني أقض على عديم الشرف هذا. نعم وخدعكم، أطال لحيته وأصبح إماماً.
قمنا بتأديب هذا الزائر بشكل جيد وأرسلناه إلى قريته واعتذرنا من شيخنا وطيبنا خاطره.
ذات يوم أتانا شخص آخر من تلك القرية راكباً على حماره وعندما رأى الشيخ استعجل بحماره نحوه وراح ينهال عليه بعصاه. خلصناه ثانية بصعوبة بالغة.
– دعوني أقض على هذا المنحط، سرق قطيعي وباعه في سوق المدينة لقد خدعكم هذا المنحط بإطلاق لحيته واعتبرتموه شيخاً.
يا عيني ألا يتشابه الناس فيما بينهم إن الله خلق البشر أزواجاً.
كلما قدم أحدهم من تلك القرية انتفض الدم في رأسه وهجم على ذاك الشيخ كلما سمعنا بقدوم أحد ما من هناك رحنا نخبئ الشيخ عنهم. لأنهم سيقتلون هذا الرجل المبارك لا محال.
أرأيت يا حسين ماذا يصيب المرء عندما يشابه شخصاً سيئاً.
وذات صباح يا أخي، استيقظنا على صوت جلبة، نظرنا وإذ بمجموعة رجال ممتطين الخيول من تلك الخيول من تلك القرية، قدموا إلى قريتنا قائلين:
– إما أن تسلمونا “جنافر محمد” “محمد الذئب” أو نعلن عليكم الحرب.
– ذلك المنحط الذي اتخذتموه شيخاً لديكم.
– توقفوا.. تعالوا لنتباحث.
لقد طوقوا قريتنا، مصرين على أخذ شيخنا. وأرسلوا فيما بعد رسولاً كي يفاوضنا.
بدورنا اخترنا بعض وجهاء قريتنا ذوي الحكمة والدراية . واتجهنا إلى مقهى القرية كي نتباحث . قلنا لهم:
– يا أخوان قد تحرقون هذه القرية لكن لن نسلمكم هذا الشيخ ونحن أحياء، شبه لكم هذا الشيخ بذاك الشخص الذي قلتم عنه جنافر محمد، لذلك لن نسلمكم إياه، لأن في ذلك أمام الله إثم عظيم، كم من هؤلاء الأتقياء المباركين بقوا على وجه البسيطة في زماننا هذا هاه؟ إن العالم باق بحرمتهم.
قال أحدهم:
– أنتم لم تشاهدوا رجلاً مباركاً، فالرجل المبارك يجب أن يكون مثل إمام جامع قريتنا الشيخ مراد، كل كلماته حكم وعظة، لحيته حتى سرته، لا تطأ قدمه على الأرض دون وضوء ولا يخطو خطوة دون بسملة، فالشيخ الشيخ هو الشيخ مراد.
– مراد؟!!! توقف.. ولك بس ما يكون مرادنا.. عيناه زرقاوان؟.
– هاه.
أمان، هل خنصر يده اليسرى مقطوع؟
– هاه.
– أيوجد ثألول على أنفه؟. آه!!
بناء على هذه الأجوبة قلنا:
– تحركوا يا شباب لنهاجم هذا الرذيل، ولنسحق هذا الكلب، إذن هذا المنحط أصبح إمام القرية الجارة.
وهنا بدورهم راحوا يتوسلون قائلين:
– الأشخاص يتشابهون. يتشابه الشخص مع الشخص.. نخشى أن لا يكون سوء تفاهم بيننا. الشيخ مراد شيخ مبارك.
– واه من مراد الخنزير، هيا تحركوا
كانت ستتداخل القريتان فيما بينهما لولا تدخل شكري أغا بقوله:
– توقفوا.. توضح الأمر الآن، مراد الخنزير أطلق لحيته وأصبح إماماً في قريتهم ومحمد الذئب كذلك وأصبح في قريتنا، لذلك لا داعي للمشكلات فهم راضون بـ مراد الخنزير ونحن بـ محمد الذئب . لو طردناهما لذهبا إلى قرية أخرى وعاثا فيها فساداً. غير معروف أي رجل مبارك سيقدم إلينا لذلك تعالوا نتصافى فيما بيننا، ولنغض البصر عنهما وننسى ما سمعنا. وليبق ذاك المبارك هناك وهذا المبارك هنا.
وهكذا تفاهمنا وأكرمناهم وشربنا الشاي والقهوة، وسقينا باقي الفرسان العيران.
كانوا يرددون:
– واه – لم نعرف قيمة محمد.
ونحن بدورنا رحنا نضرب على ركبنا أيعقل أن نفرط برجل مبارك مثل مراد؟ تفوه لم نعرف قيمته.
منذ ذلك اليوم ومرادنا إمام تلك القرية، يحمل على الرؤوس ونحن نحمل شيخنا على الأكف.
هكذا يا حسين أغا، لا تحزن. إن كان الولد كسولاً، ولم يلب طموحاتك. يجب أن لا يكون بمستوى الخنزير مراد. بداية عليك تأديبه بالضرب، وإذا لم يتقوم أرسله إلى الخدمة الإلزامية، وإذا وجدت أن أموره لم تتعدل، زوجه وإن لم يتعدل أضربه على قفاه وأطرده وليذهب إلى قرية ثانية وهناك قد لن يجدوا له مكاناً بوصفه رجلاً مباركاً.