المقال منقّحٌ ومدقّقٌ، مصادره موجودةٌ وموثّقةٌ بالكامل في نهاية الفيلم  “Zeitgeist, The Movie” إنتاج عام 2007،   ونذكر هنا أن الاقتباسات التي أُخِذت من الإنجيل هي من نسخة أنجيل الملك جيمس الإنكليزية المنتشر في الولايات المتحدة، حيث حُضّرَ البحث، وقد لا تتطابق مع النسخة العربية، لكنها تتشابه في المعنى .

 

الشمس :

 الشمسهناك تاريخٌ غزيرٌ بالمنحوتات والكتابات التي تعكس احترام البشر وعشقهم لهذا الكائن الوهّاج، وتعود إلى أكثر من عشرة آلاف سنةٍ قبل الميلاد، ومن السهل جدّاً أن نفهم لماذا كانت الشمس محور تبجيلٍ لدى الشعوب القديمة، ففي كلّ صباحٍ ترتفع الشمس؛ لتجلب النور والدفء والأمان، وتحمي الإنسان من البرد القارص، ومن ظلام الليل الدامس المليء بالمفترسات  .

لقد فهمت الثقافات القديمة أهمية الشمس، فدونها لن تنمو المحاصيل الزراعية، والحياة على هذا الكوكب ستكون مستحيلةً، هذه الحقائق جعلت من الشمس أكثر كائناً معشوقاً في كلّ العصور .

وبالمثل، كانت الشعوب القديمة على معرفةٍ وافيةٍ بالنجوم أيضاً، فتتّبعٌ النجوم ساعد على التعرّف على الأحداث التي ستحدث على مدى فتراتٍ طويلةٍ من الزمن وإمكانية توقّعها، مثل الكسوف ومراحل اكتمال القمر، وقد قاموا بتصنيف مجموعات النجوم إلى ما نعرفه اليوم باسم الأبراج .

صليب الأبراج : (Zodiac)

صليب الأبراجصليب الأبراج أحد أقدم الرموز في تاريخ البشرية، حيث يمثّل الشمس التي تمرّ بشكلٍ تصويريٍ من خلال الأبراج الرئيسية الاثني عشر على مدار السنة، ويمثل أيضا الاثني عشر شهراً من السنة، أربعة مواسم ومحاور الانقلابات الشمسية . مصطلح ( زودياك ) يتعلّق بحقيقة أن الأبراج كانت مؤنسنةً ( الأنسنة: إضفاء صفاتٍ بشريةٍ على أشياءَ غير بشريةٍ )، أو متجسّدةً على شكل حيواناتٍ، أو كان لها أشكالٌ ورموزٌ معيّنةٌ أخرى. بعبارةٍ أخرى، فإن الحضارات القديمة لم تتّبع الشمس والنجوم فقط ، بل جسّدوها بالخرافات والأساطير التي تحاكي تحرّكاتها وعلاقاتها ببعضٍ .

الشمس التي تعطي الحياة وتحافظ على الاستقرار جُسّدِت على أنّها الممثّل للخالق غير المرئي أو الله “إله الشمس” نور العالم، مُخلّص الجنس البشري، وبالمثل، تمثل الأبراج الاثنا عشر أماكن السفر لإله الشمس، وقد تمّ تحديدها بأسماءَ تمثل عادةً أحداثاً معروفةً تحدث في تلك الفترة من الزمن، على سبيل المثال، الدلو، حامل الماء الذي يجلب الأمطار في فصل الربيع .

حورس :

 حورسحورس: إله الشمس في مصر منذ حوالي ٣ آلاف سنةٍ قبل الميلاد، تجسيدٌ للشمس المؤنسنة، وحياته سلسلةٌ من الأساطير التي تنطوي على حركة الشمس في السماء.

نحن نعلم الكثير عن هذا الإله من الهيروغليفية القديمة في مصر، على سبيل المثال، حورس كان متجسّداً على أنه الشمس أو النور، كان له عدوٌ، يٌعرف باسم سِت، وهو تجسيدٌ للظلام أو الليل، ومجازيّاً كما في الأسطورة، كلّ صباحٍ حورس يكسب المعركة ضد سَت، بينما في المساء سَت يقهر حورس، ليرسله إلى العالم السفلي.

من المهمّ أن نلاحظ أن “الظلام مقابل النور” أو “الخير مقابل الشر” هي واحدةٌ من أكثر الثنائيات الأسطورية شهرةً، ولا تزال موجودةً على مستوياتٍ عديدةٍ حتى يومنا هذا .

وعموماً، قصة حورس هي كما يلي :

ولد حورس يوم ٢٥ كانون الأول / ديسمبر من العذراء إيزيس ميري، و قد صاحبت ولادته نجمةٌ في الشرق ، وبورك قدومه من قبل ثلاثة ملوكٍ. وعندما بلغ الاثني عشر عاماً كان كطفلٍ عبقريٍ معلّماً لغيره، وفي سنّ الثلاثين عُمّدَ من قبل شخصيةٍ معروفةٍ باسم أنوب، وبهذا بدأت دعوته. كان لحورس اثنا عشر تابعاً، يتجوّل معهم لأداء المعجزات، مثل شفاء المرضى، والمشي على الماء، كان حورس معروفاً بعدّة أسماءَ رمزيةٍ كثيرةٍ مثل: الحقيقة، النور، ابن الله المسيح، الراعي الصالح، حَمَل الله،  وكثيرٌ غيرها، وبعد أن تمّت خيانته من قبل تيفون صُلب حورس و دفن لمدة 3 أيام ثم تمّ بعثه أو قيامته.

هذه الصفات لحورس سواء أكانت أصليةً أم منقولةً، يبدو أنها وجدت طريقاً في العديد من ثقافات العالم، فهناك آلهةٌ أخرى كثيرةٌ لديها نفس البنية الأسطورية العامة.

كريشنا

Dionysos_Louvre_Ma87_n2

ميثرا من بلاد فارسٍ١٢٠٠ سنةٍ قبل الميلاد، ولد من عذراء ٢٥ كانون الأول /  ديسمبر، كان لديه اثنا عشر تابعاً أو حوارياً، كان يفعل المعجزات، وعند وفاته دُفِن لمدة 3 أيامٍ، ومن ثم تمّت قيامته، كان يُسمّى أيضاً: "الحقيقة"، "النور" وغيرها الكثير، ومن المثير للاهتمام أن اليوم المقدّس لعبادة ميثرا كان يوم الأحد .

 

 

 

 


حقيقة الأمر هو أن هناك العديد من المنقذين أو المُخَلّصين في فتراتٍ مختلفةٍ من جميع أنحاء العالم، والتي تشترك في هذه الخصائص العامة.

الإله بالعربي

الإله بالإنكليزية

كريشنا من هندستان

Krishna of Hindostan

بوذا ساكيا  من الهند Buddha Sakia of India
ساليفاهنا من الهند salivahana of bermuda
أوزيريس وحوروس من مصر Osiris and Orus, of Egypt
أودين من المناطق الاسكندنافية Odin of the Scandinavians
ميثرا وزردشت من بلاد فارس Zoroaster and Mithra of Persia
بعل و تاووت (تلد الله الوحيد كما كان يوصف) عند الفينيقيين Baal and Taut, “the only Begotten of God,” of Phoenecia
أندرا من التبت Indra of Tibet
بالي من هندوسية أفغانستان (الأصل من أندونيسيا) Bali of Afghanistan
تموز من سوريا Thammuz of Syria
أتيس من آسيا الصغرى (البلقان) Atys of Phrygia
زالموكزيس عند الغيتون أو القوط الشرقيين Xamolxis of Thrace
أدد عند الآشوريين Adad of Assyria
ألكيديس (اسمٌ آخرٌ لهرقل) من ثيفا أو طيبة Alcides of Thebes
 بيدوو في اليابان والصين وسيريلانكا قبل الميلاد1027 Beddou of Japan
هيزوس أو أيروس وبيرميلاه عند الكلت, القلت أو السلت (غرب أوروبا)  والدرويد Hesus or Eros, and Bremrillah, of the Druids
ثور ابن أودين عند شعوب الغال Thor, son of Odin, of the Gauls
قدموس عند اليونان Cadmus of Greece
الملكية الكونية عند عرّافات اليونان القديم (النبيات) Universal Monarch of the Sibyls
إستشيس عند الأغريق في جزيرة فورموسا (اسمٌ قديمٌ لتايوان) Ischy of the island of Formosa
تشاكا أو زاكا و فوهي في اليابان والصين Holy One or Xaca & Fohi and Tienof China and Japan
 أدونيس إله الجمال والرغبة عند اليونان Adonis, son of the virgin Io of Greece
ليكسبون من اليونان و كويرينوس من روما Ixion and Quirinus of Rome
بروميثيوس من القوقاز Prometheus of Caucasus
كيتزالكوتال في المكسيك (الأستك) Quexalcote of Mexico

وتبقى الأسئلة:

لماذا هذه الصفات ؟

لماذا الولادة من العذراء في الخامس والعشرين من كانون الأول / ديسمبر ؟

لماذا الموت لثلاثة أيامٍ والقيامة الحتمية ؟

لماذا دائما هناك اثنا عشر تابعاً أو تلميذاً ؟

ولمعرفة الجواب دعونا نتفحّص أحدث الآلهة الشمسية، يسوع المسيح.

يسوع:

Jesus going to the heavenly home

وُلِدَ يسوع المسيح من مريم العذراء في ٢٥ كانون الأول / ديسمبر في بيت لحم، أعلنت ولادته نجمةٌ في الشرق، حيث كان هناك ثلاثة ملوكٍ يتّبعونها لتحديد مكان المنقذ الجديد للاحتفال به ومباركته بالهدايا، وكان  معلّماً في الثانية عشرة من عمره، وعندما بلغ الثلاثين عُمّدَ من قبل يوحنا المعمدان، وهكذا بدأت دعوته .

كان ليسوع تابعوه أو حواريوه الاثنا عشر، تجوّل معهم لأداء المعجزات، مثل شفاء المرضى والمشي على الماء وإحياء الموتى، هو كان أيضاً معروفاً بأسماء مثل: “ملك الملوك”، و “ابن الله”, ” نور العالم ” و” الأول والآخر ” و” حمل الله ” وغيرها الكثير، وبعد خيانته من قبل تلميذه يهوذا، تمّ بيعه مقابل ثلاثين قطعةً من الفضة، وصُلب ووُضع في قبر، وبعد ثلاثة أيامٍ تمّ بعثه، وصعد إلى السماء .

قبل كلّ شيءٍ، إن تسلسل الولادة مرتبطٌ بأحداثٍ فلكيةٍ بشكلٍ كاملٍ، النجم في الشرق، هو النجم سيريوس أو الشعرى اليمانية، ألمع النجوم في السماء ليلاً، والذي في ٢٤ من كانون الأول / ديسمبر يكون على استقامةٍ واحدةٍ مع ألمع ثلاثة نجومٍ في حزام أوريون، وحتى يومنا هذا تُسمّى هذه النجوم الثلاثة، كما كانت تُسمّى في العصور القديمة ”الملوك الثلاثة” .

الملوك الثلاث

الملوك الثلاثة وألمع النجوم ”سيريوس \ الشعرى اليمانية”  كلّها تشير إلى مكان شروق الشمس في ٢٥ كانون الأول / ديسمبر، هذا سبب تتبّع الملوك الثلاثة نجمة الشرق لتحديد موقع شروق – ولادة الشمس .


مريم العذراء:

هي برج العذراء ”فيرغو”، المعروف أيضاً باسم فيرغو العذراء، فيرغو في اللاتينية تعني العذراء، يُوصف برج العذراء أنه بيت الخبز، ويُمثّل البرج بصورة فتاةٍ عذراءَ تحمل حزمةً من القمح.

بيت الخبز هذا ورمزه القمح يمثّل شهري آب وأيلول، أيّ وقت الحصاد.

لفظة ( بيت لحم ) في الواقع ترجمتها في العبرية حرفياً إلى “بيت الخبز”، لهذا بيت لحم إشارةٌ إلى برج العذراء، وهو مكانٌ في السماء، وليس على الأرض.

هناك ظاهرةٌ أخرى مثيرةٌ للاهتمام جداً التي تحدث في ٢٥ كانون الأول / ديسمبر، أو ما يُسمّى بالانقلاب الشتوي، حيث إنه عند الانتقال من الانقلاب الصيفي إلى الانقلاب الشتوي، الأيام تصبح أقصر وأكثر برودةً، بالنسبة لنصف الكرة الأرضية الشمالي، والشمس تبدو أصغر حجماً ويتحرّك قوس حركة الشمس صوب الجنوب، ويرمز قُصر الأيام وانقضاء المحاصيل عند الاقتراب من الانقلاب الشتوي إلى عملية الموت عند القدماء، أي كان يمثّل موت الشمس .

في ٢٢ كانون الأول / ديسمبر تكون الشمس في أخفض نقطةٍ لها في السماء، بعد أن تحرّكت باتجاه الجنوب باستمرار لمدة 6 أشهر، وهنا الشيء الغريب يحدث !
الشمس تتوقّف ظاهرياً عن حركتها، منخفضةً للأفق باتجاه الجنوب لمدة 3 أيامٍ، خلال هذا التوقّف تتواجد الشمس في محيط كوكبة الصليب الجنوبي، أو مجموعة الـ (crux) وهي مجموعةٌ نجميةً على شكل صليبِ، وفي ٢٥ كانون الأول / ديسمبر تتحرّك الشمس من جديدٍ درجةً واحدةً، لكن هذه المرة باتجاه الشمال إلى الأعلى، ما ينذر بالأيام الأطول و الدفء والربيع، وبالتالي قيل: الشمس ماتت على الصليب لمدة 3 أيامٍ،  ومن ثم قامت، أو ولدت من جديدٍ .

Crux-constellation-mapهذا هو السبب في أن العديد من آلهة الشمس، وأحدها يسوع  تشترك في الصلب، والموت لمدة 3 أيامٍ ومفهوم القيامة أو البعث، هو توقّف الشمس ظاهرياً قبل أن تعكس اتجاه حركتها في نصف الكرة الأرضية الشمالي، حيث يحلّ الدفء و الربيع، وبالتالي الخلاص .

ومع ذلك ، فإنهم لا يحتفلون بقيامة الشمس حتى الاعتدال الربيعي، أو عيد الفصح، هذا لأنه في الاعتدال الربيعي يتفوّق طول النهار على طول الليل أو ينتصر النهار ويقهر الظلام “الشر”، وبذلك يصبح النهار أطول من حيث المدّة من الليل، والظروف النشاطية للربيع تكون بارزةً.

الآن، أكثر الرموز الفلكية حول يسوع وضوحاً هي التي تتعلّق بأتباعه أو حوارييه الاثني عشر، هم ببساطةٍ أبراج الزودياك ( صليب الأبراج الاثني عشر )، حيث إن يسوع يمثّل الشمس التي تتنقل في السماء معهم .

في الواقع، فإن الرقم ١٢ يزخر به الإنجيل، مثل اثنتا عشرة قبيلةً لإسرائيل، اثنا عشر ابناً ليعقوب، اثنا عشر حاكماً لإسرائيل، اثنا عشر بطريركاً عظيماً, اثنا عشر ملكاً لإسرائيل، اثنا عشر نبياً للعهد القديم، اثنا عشر أميراً لإسرائيل، هذا الرقم له علاقةٌ بعلم الفلك والتنجيم أكثر من أي شيءٍ آخرَ .

بالعودة إلى صليب الأبراج الذي يمثل تصويراً لحياة الشمس، هو لم يكن مجرّد تعبيرٍ فنيٍّ، أو أداةٍ لتتّبع حركة الشمس فقط، وإنما كان أيضاً رمزاً لوثنيةٍ روحيةٍ، واختزال الرسم يبدو مثل هذا.

Cross of the Zodiac

هذا ليس رمزاً للمسيحية، بل هو رمزٌ وثنيٌّ يتعلّق بصليب الأبراج، هذا سبب الغموض في الرسوم والتماثيل القديمة التي تظهر رأس يسوع دائماً على الصليب، لأن يسوع هو الشمس، شمس الله الذي وُصِفَ في الإنجيل أنه :

  •  نور العالم John) 9:5)

  • المُخَلّص القائم من الموت (Matt:28:6)

  • الذي سوف “يأتي مرّةً أخرى “(John 14:3)

  • كما الشمس تفعل في كلّ صباحٍ

  • المجد الإلهي (Cor 4:6)

  • الذي يدافع ضد أعمال الظلام (Rom 13:12)

  • في ولادته من جديدٍ (John 3:3)

  • كلّ صباحٍ التي يمكن رؤيتها آتيةً من بين السحاب (Mrak 13:26)

  • عالياً في الفردوس (John 3:13)

  • مع “إكليل الشوك” (John 19:5) أو أشعة الشمس.

والآن، ومن بين العديد من الاستعارات السماوية الفلكية في الإنجيل، نجد أن من أهمّ تلك النقاط  ما يتعامل مع العصور أو الحقب الزمنية، فالنصوص المقدسة تزخر بالإشارة إلى (العصر ) أو (العهد)، ولكي نفهم هذا، فعلينا أن نتعرّف على ظاهرة تسمّى (سبق الاعتدالات أو بدارية المحور الأرضي) (precession of the equinoxes) حيث إن المصريين القدماء بالإضافة لحضارات أخرى قبلهم حدّدوا أنه كلّ 2150 سنة تقريباً يكون شروق الشمس في صباح الاعتدال الربيعي من موقع برجٍ مختلفٍ، ولهذا علاقةٌ بدوران محور الأرض البطيء (البدارية) المعاكس لدوران الأرض حول نفسها.

PRECESS1

تُسمّى هذه الظاهرة بـ (السبق) أو (Precession) لأن الحركة الظاهرية لشروقات الشمس في الاعتدال الربيعي بالنسبة للأبراج تكون للخلف بدلاً من اتجاه حركة الأبراج في دورتها السنوية المعتادة، والوقت الذي تحتاجه الظاهرة (دوران محور الأرض دورة كاملة) للمرور بكلّ الأبراج الاثني عشر 25,765  سنة، وتُسمّى (السنة العظيمة) و كانت المجتمعات القديمة تعي هذا جيداً, فقد حدّدوا كلّ 2150 سنة بـ (حقبة) فمن عام 4300 ق . م إلى 2150 ق. م كانت حقبة برج الثور (تشرق الشمس في اعتدالها الربيعي في برج الثور)، و من 2150 ق . م إلى 1 ميلادية كانت حقبة برج الحمل، ومن 1 ميلادية إلى 2150 م حقبة برج الحوت (الحقبة التي نحن فيها حالياً) وفي عام 2150 سندخل حقبة ًجديدةً، حقبة برج الدلو .

وفي نظرةٍ عامةٍ وواسعةٍ ، فالإنجيل يتكلّم و برمزيةٍ عن حقبٍ ثلاثةٍ، و ينذر بالرابعة .

في العهد القديم من الكتاب المقدّس حين ينزل موسى من جبل سيناء مع الوصايا العشر، رأى قومه يعبدون العجل الذهبي، فحطّم الألواح التي كتب عليها الوصايا، وأمر قومه بقتل بعضهم؛ ليطهّروا أنفسهم.

(فَقَالَ لَهُمْ: “هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ : ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ، وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ”. سفر الخروج 32 / 27).

 ويعزو مفسرو وعلماء اللاهوت غضب موسى هذا لعبادة الإسرائيليين للإله الخاطئ أو شيءٍ من هذا القبيل، لكن الواقع هو أن العجل الذهبي كان يمثّل برج الثور، و كان موسى يمثّل برج الحمل (الحقبة الجديدة)، و لهذا كان يجب ترك أو ” سفك ” الحقبة القديمة، وكل ما له علاقة بها.

وهنا نجد بعضاً من هذه الرمزية في نفخ اليهود لقرون الحمل في طقوسهم الدينية، فموسى يمثّل حقبةً برج الحمل الجديدة، وعلى أعتاب الحقبة الجديدة على الجميع أن يسفحوا الحقبة القديمة.

وهناك آلهةٌ أخرى توضّح هذا التحوّل بين الحقب، مثل ميثرا الإله الفارسي منذ ما قبل المسيحية، الذي تمثّل بعض تماثيله، وهو يذبح الثور في رمزية سفكٍ أو قتل الحقبة القديمة، بينما ندخل لحقبةٍ جديدةٍ .

يسوع يُعَدّ مدخلاً للحقبة الجديدة التي تتّبع حقبة برج الحمل ( حقبة برج الحوت الذي يرمز له بسمكتين عادةً ) ، فرمز السمكة متوفّر بكثرةٍ في العهد الجديد، فمثلاً نجد أن يسوع قد أطعم 5 آلاف شخصٍ ببعض الخبز ( وسمكتين )، وعندما بدأ يسوع مسيرته ودعوته التقى صيادَيّ السمك في طريقه إلى الجليل وقد تبعاه، والكثير منكم ربما لاحظ كلمة يسوعٍ المكتوبة داخل السمكة، التي يضعها بعض الناس كملصقٍ في سياراتهم، قليلون هم من يعرفون معنى هذا الرمز، وأنه رمزٌ وثنيٌّ فلكيٌّ لمملكة الشمس في حقبة برج الحوت، بالإضافة إلى أن يوم مولد يسوع، المفترض هو بداية هذه الحقبة .

Jesus Fish

في أنجيل لوقا الإصحاح 22

حين سأل تلاميذ يسوع

“أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نُعِدَّ “. 22 : 9

فَقَالَ لَهُمَا:

“إِذَا دَخَلْتُمَا الْمَدِينَةَ يَسْتَقْبِلُكُمَا إِنْسَانٌ حَامِلٌ لجَرَّةَ مَاءٍ . اِتْبَعَاهُ إِلَى الْبَيْتِ حَيْثُ يَدْخُلُ” 22 : 10

هذا النصّ المقدّس يُعدّ من أكثر الاستعارات الفلكية دلالةً، فالرجل الحامل لجرة الماء يمثل حقبة برج الدلو ! .. الذي يمثّل دائماً على أنه رجلٌ يسكب دلواً أو جرةً من الماء، ويمثّل الحقبة التي تلي برج الحوت، فكما أن الشمس (شمس الله) تغادر بيت “حقبة” برج الحوت (الممثلة بيسوع) وتدخل إلى بيت “حقبة” برج الدلو، حيث إن الدلو يتبع الحوت في البداية، وبهذه الطريقة أخبرنا يسوع أن حقبة الدلو ستلي حقبة الحوت.

والآن، كلّنا سمعنا عن نهاية الأيام والعالم، وبغضّ النظر عن وصوفاتها التصويرية في فصل الرؤيا، فمصدر هذه الفكرة الرئيسي يأتينا من إنجيل متى 20:28، حين يقول يسوع: ” وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ”.

وفي نسخة الملك جيمس تستخدم كلمة (العالم) في نهاية النص بدل (الدهر) وهي خطأ في الترجمة، حيث إن الكلمة التي استعملت فعلاً هي كلمة (دهر) و التي تعني (حقبة أو عصر) فيكون الكلام (سأكون معكم إلى نهاية الدهر)، وهذا صحيح، فتوصيف يسوع لنهاية حقبة الحوت الممثلة به و دخول حقبة الدلو مطابقٌ تماماً للواقع، ما يجعل كامل مفهوم نهاية العالم والأيام مجرّد خطأٍ في ترجمة نصٍّ رمزيٍّ يصف حدثاً فلكياً، لنقل هذا للـ 100 مليون شخصٍ تقريباً في أمريكا “وغيرهم” الذين يظنون أن نهاية العالم قادمةٌ !

وكذلك فشخصية يسوع عبارةٌ عن نسخٍ أدبيٍّ ونصيٍّ لشخصية إله الشمس المصري، كمثالٍ على هذا فإن هناك صوراً على جدران معبد الأقصر المصري عمرها 3500 سنة، تصوّر أحداث الأمر الإلهي، والحمل المطهّر، و الولادة المعجزة من العذراء ( ايزيس ) وإعلان تقديس الإله حورس.

 الصور تبدأ من (ثاو) وهو يعلن للعذراء إيزيس أنها ستحمل بحورس، ثمّ صورة (نف) الروح المقدّسة و هو يقوم بتحبيل ايزيس، ثم ولادة العذراء  وتقديس وعبادة المولود، نفس قصة ولادة يسوع المعجزة بالضبط.

في الواقع أن التشابه النصيّ بين الديانتين المصرية و المسيحية صاعق جداً.

5e5e5b41-893d-4bf3-9f33-6e12f9506a44

و يستمرّ النسخ والنقل، قصة نوح و الفلك المأخوذة من بعض التقاليد القديمة، حيث إن مفهوم ( الفيضان العظيم ) الرمزي موجودٌ و منتشرٌ في العالم القديم، و بنحو 200 روايةٍ و بأزمانٍ و حقبٍ مختلفةٍ، وعلى أيّ حالٍ لا نحتاج للنظر كثيراً في مصادر القصّة في العهد قبل الميلادي، حيث إنه لا نحتاج للنظر إلا لمصدرٍ واحدٍ وهو ( ملحمة جلجامش ) التي كُتبت سنة 2600 ق . م حيث يوجد فيها ذكرٌ لقصّة الفيضان العظيم من الإلهة، وقصة الفلك وتفاصيله الذي حمل الحيوانات، وحتى قصة الحمامة التي أرسلت لتتفحّص انحسار الطوفان و عودتها، كلّها موجودة بالكتاب المقدس مع بعض التشابهات الأخرى، وهي:

التطابقات بين قصة الطوفان بين نوح و جلجامش

  • طوفانٌ عالميٌّ
  • سببه خطايا البشر
  • يستهدف كامل الجنس البشري
  • مرسلٌ من الله أو آلهةٍ
  • الأمر ببناء الفلك ( سفينة )
  • الفلك له بابٌ واحدٌ
  • على الأقلّ نافذةٌ واحدةٌ
  • غُطّيتْ من الخارج بالقار
  • الركاب من البشر كانوا أفراد العائلة
  • كلّ أنواع الحيوانات البرية
  • حدث الطوفان بواسطة أمطارٍ غزيرةٍ
  • إطلاق الطير ليعثر على الأرض الجافّة
  • رسا الفلك كان على جبلٍ
  • تقديم الأضاحي بعد الطوفان
  • بورك الركاب بعد الطوفان

لنأخذ قصّةً أخرى، قصّة ولادة موسى الذي وُضِعَ عند ولادته في سلّةٍ مصنوعةٍ من القصب، ووُضِعَ في النهر ليجري مع التيّار؛ لتجنّب قتل الأطفال الذي ساد في ذلك الوقت بأمرٍ من الملك، ليتمّ إنقاذه عن طريق ابنة عائلةٍ ملكيةٍ، وتتمّ تربيته على أنه أميرٌ، قصّة السلة هذه منقولةٌ مباشرةٌ من أسطورة ( سرجون الأكادي ) حوالي 2250 سنة ق. م .

وكذلك فموسى يعرف باسم ( مانح القوانين ) لمنحه الوصايا العشر من الإله، و في الحقيقة فإن فكرة تمرير القوانين من الآلهة إلى أحد البشر على جبلٍ ما، فكرةٌ قديمةٌ، فموسى مجرّد أحد الذين مُرّرتْ إليهم القوانين في تأريخ الأساطير، نذكر على سبيل المثال ( مانو ) من الهند، حيث كان مانح القوانين العظيمة، وأيضاً في جزيرة كريت نرى أن ( مينوس ) قد صعد إلى جبل “دكتا” حيث تلقّى الوصايا الإلهية من ( زيوس )، وفي مصر نجد ( مايسيس ) الذي حصل على الألواح الحجرية التي كُتِبَت عليها أوامر الآلهة.
مانو .. مينوس .. ميسيس.. موسى ؟!

وبالنسبة إلى الوصايا العشر فهي مقتبسةٌ كما هي ابتداءً من التعويذة رقم 125 في كتاب الأموات المصري، حيث إن العبارات التي في كتاب الأموات المصري مثل (أنا لم اسرق) قد أصبحت (لا تسرق)، وعبارة (أنا لم أقتل) صارت (لا تقتل), وأيضاً (أنا لم اكذب) تغيّرت إلى (لا تشهد شهادة زورٍ) وهكذا إلى آخره.

moses

في الحقيقة إن الديانات المصرية على الأرجح حجر الأساس للاهوت اليهودي / المسيحي متضمّناً تفاصيل التعميد، الحياة الأخرى، الحساب الأخير، ولادة العذراء، القيامة، الصلب، تابوت العهد، الختّان، المُخَلّص، الوحي الإلهي، الطوفان الكبير، الفصح، عيد الميلاد، العبور، والكثير الكثير من التعاليم المصرية التي ظهرت بوقتٍ طويلٍ قبل المسيحية واليهودية .

كتب ( جاستن مارتير ) أحد أوائل المؤرّخين المسيحيين المدافعين عن المسيحية الذي عاش بين 100- 165 م: ( عندما نقول إن يسوع المسيح، معلمنا، قد ولد دون أيّ اتصالٍ جنسيٍ، وصُلِبَ و مات، وبُعِثَ بعد موته، وذهب إلى السماء، فإننا لا نقول شيئاً مختلفاً عمّا تؤمنون به عن أبناء جوبيتر”المشتري” المقدّسين ) ويقول جاستن مارتير: ( لقد وُلِدَ من عذراءَ، صَدّقوا وأقبلوا هذا كما تفعلون مع بيرسيوس ) .

من الواضح جداً أن جاستن وغيره من المسيحيين المبكّرين فهموا مقدار التشابهات بين المسيحية والديانات الوثنية، لكن جاستن كان لديه الحلّ، ففسّر هذا التشابه على أن الشيطان هو المذنب؛ لأن الشيطان بذكائه كان قد تنبّأ بمجيء المسيح المُخَلّص قبل قدومه بكثيرٍ، فخلق هذه الشخصيات المتشابهة في العالم الوثني.

الإنجيل هجينٌ من الأدبيات الفلكية الوثنية، حاله حال معظم الأساطير الأخرى التي ظهرت قبله، كما أن مبدأ انتقال صفاتٍ شخصيةٍ إلى أخرى يمكن العثور عليه داخل النصّ الديني المسيحي نفسه، كمثالٍ يوجد في العهد القديم قصّة ( يوسف )، الذي يُعَدّ نسخةً أوليةً عن شخصية يسوع، فيوسف قد وُلِدَ بمعجزةٍ مثل يسوع.

يسوع

يوسف
كان ليسوع اثنا عشر تلميذاً كان ليوسف اثنا عشر أخاً
تمً بَيع يسوع مقابل ثلاثين قطعةً من الفضة تمّ بَيع يوسف مقابل عشرين قطعةً من الفضة
التلميذ (يهوذا الاسخريوطي) هو من باع يسوع أخو يوسف ( يهوذا ) هو من اقترح بيعه
يسوع بدأ عمله في سنّ الثلاثين يوسف بدأ عمله في سنّ الثلاثين

و تستمرّ التشابهات

بالإضافة لذلك، هل هناك دليلٌ تاريخيٌ خارج الإنجيل عن أيّ شخصٍ اسمه يسوع، واسم أمه مريم، كان يرتحل ومعه اثني عشر تلميذاً، ويعالج الناس وما شابه ؟

لقد هناك الكثير من المؤرّخين الذين عاشوا في مناطق البحر المتوسط وما حولها في الفترة التي تمّ افتراض أن المسيح عاش فيها، كم واحد منهم وثّق لنا أيّ شيءٍ عن يسوع المسيح ؟؟

الجواب : لا أحد !

لكن، ولكي نكون عادلين، هذا لم يمنع المدافعين عن يسوع التاريخي من ادّعاء أن هناك من ذكره، فهناك أربعة مؤرّخين يتمّ الاستدلال بهم، واعتبار كتاباتهم تؤرّخ لوجود يسوع، وهم ( بليني الأصغر, سيتونيوس, تاسايتوس، جوسيفوس ) كلّ ما قاله أول الثلاثة بضع جملٍ يتكلمون بها عن مسيحٍ، وهو في الواقع ليس اسماً لشخصٍ، بل هم كانوا يتحدّثون عن صفةٍ أو رتبةٍ، وتعني ( الشخص الذي تمّ مسحه بالزيت ) .

المصدر الرابع ( جوسيفوس ) تمّ إثبات أن كلامه تزويرٌ من مئات السنين، لكن وللأسف مازال يُتّخذ كلامه على أنه وثيقةٌ حقيقيةٌ .

قد تتوقّعون أن شخصاً نهض من الموت، وصعد للسماء، ورأته الأعين، وقام  بكلّ المعجزات التي تُروى عنه اليوم، وجب أن يُذكر في سجل التأريخ، لكن لم يحدث هذا، وإذا كنا سنضع الأدلّة في الميزان فسيكون هناك الكثير، ما يقودنا للاعتقاد أن الشخصية المعروفة باسم يسوع لم توجد أبداً، والحقيقة أن يسوع هو إله الشمس عند النُسّاك المسيحيين الأوائل، و كباقي الآلهة الوثنية، مجرد شخصيةٍ أسطوريةٍ.

لقد كانت السلطة السياسية هي من عملت على تثبيت يسوع تاريخياً، بغرض السيطرة الاجتماعية، ففي عام 325 ب . م في روما، عقد الإمبراطور ( قسطنطين ) مجتمع ( نيقيا ) الذي تم خلاله تأسيس البيان المسيحي، والذي بدأ حقبة طويلة من حمامات الدم والتزييف الروحاني باسم المسيحية، وفي الـ 1600 سنة التالية أحكم الفاتيكان سيطرته سياسياً على كامل أوروبا، ليقودها إلى العصور المظلمة ” السعيدة ” التي تخللتها أحداث ” تنويرية ” مثل الغزوات الصليبية ومحاكم التفتيش .

spanish_inquisition

المسيحية مع باقي الأنظمة الإيمانية كذبة العصر، وهي تعمل على فصل الجنس البشري عن عالمه الطبيعي، وعن بعضه البعض أيضاً، وهي تؤيّد الخضوع الأعمى للسلطة، فتقلّل من المسؤوليات الإنسانية، على أساس أن المسؤولية تقع على عاتق (الإله) ليتحكّم بكلّ شيءٍ، وبهذا تُبرّر العديد من الجرائم البشعة باسم (السعي لتحقيق الإرادة الإلهية).

وأهمّ شيءٍ أنها تمنح القوة لهؤلاء الذين يعرفون الحقيقة، لكن يستخدمون الخرافة لاستغلال المجتمعات والتحكّم بها.

خرافة الدين أقوى أداةٍ تمّت صناعتها، و تخدم كأرضيةٍ نفسيةٍ خصبةٍ، حيث يمكن لباقي الخرافات أن تزدهر.

المصدر

اترك رد