ليس من الضروري أن يكون الفن ملتزما أو موجها دائما, و ليس ما يمنع أن يكون الفن للتسلية فقط و يبدأ كاتب أغنيته في تعبير ما عرفته اللغة العربية قط. وليس من الغلط أن نضيف  أفعال إلى قاموس اللغة العربية مثل شخبط  و أسماء مثل لخابيط حيث إذا سأل طفل أمه يوما عن المعنى لمثل هذه الكلمات أجابته ” يا ولدي اللخابيط كلمة ذات معنى  واسع صعبة الشرح و لكنهما محاولة سوداوية للإنسان في حقيقة الكون البيضاء كقولنا لا يوجد خطر من الاحتباس الحراري أو لا يوجد خطر من المرض و الفقر في العالم  أو المحاولة المقصودة أو الغير مقصودة تحريف الحقائق عند العرب في القرن الحادي والعشرون – كفانا الله  يا ولدي  شر اللخابيط ومن يشخبطها”.
في هذا المقال سأتناول بعض اللخابيط موجها ملاحظاتي لهؤلاء المشخبطون المعاصرون والذين يمّشون لخابيطهم على الناس دون حساب عبر شاشة التلفزيون.  لا استطيع إخفاء فخري و اعتزازي بالمسلسلات السورية والتي تلقى استحسانا كبير في الأواسط العربية.  يعود أحيانا هذا النجاح إلى الكوادر الفنية العالية في سوريا و مدارس الفن التي استقطبت الكوادر المحلية و من دول الجوار.  و كم أود أن اصنع تمثالا من الذهب للممثلين الذين ابدوا أداء رائعا وأبدعوا في التمثيل بمقدراتهم و مواهبهم الشخصية.  أذا كان ضني في مكانه للإنتاج الخليجي الفضل في رفع مستوى الفن السوري خلال العقود  السالفة.

وهذا نموذج رائع من النماذج الناجحة عندما تتحد قدرات الإنسان لتعطي الأفضل و يا ليته ينطبق هذا النموذج من النجاح في مجالات أخرى كالعلم والأبحاث العلمية والصناعات والتطوير و في جميع مجالات التنمية.


من ناحية أخرى,  لا استطيع أخفاء خيبة أملي في عيوب و ركاكة بعض القصص والمسلسلات و المشاهد بشكل فاضح أحيانا.  هذه العيوب ثغرات واضحة من  اللخابيط  لا تحتاج إلى محلل كبير في شؤون السياسة كالأستاذ محمد حسنين هيكل و لا ناقد لاذع  كالأستاذ أسامة فوزي كي يرى الثغرات في حبك القصة أو أدائها. و نستطيع أن أقول بالفم المليء لبعض الكتاب الله لا يعطيكم عافية”.

إليكم بعض اللخابيط التلفزيونية:
☻لخبوط في الكتابة لكاتب ” رسائل الحب و الحرب “ إن دور العقيد الذي لعبه الممثل القدير سلوم حداد على انه شخصية أنانية غير نزيهة و إجرامية بعض الشيء يلصق التهم لغيره و يزور الحقائق لنزع خطيبة من خطيبها ليتزوجها.   و أخيرا أصبحت هذه الشخصية مناضلة و عاطفية  يستوجب على المشاهد أن يتعاطف معها.  يا للتناقض !    و أنا لا ادري كيف غفرت هذه الزوجة كل هذا وأصبحت زوجة صالحة.  أظن إن الكاتب اقتبس قصته من عدة روايات و جمع مشاهد من هنا و هناك بحيث تبدو القصة مبندقة من عدة مشاهد.  فيها اهانة لذكاء المشاهدين.
☻لخبوط آخر من كاتب “باب الحارة ” هذا المسلسل الرائع الذي أثار المشاهد العربي في شهر رمضان المبارك أقول إن حصر أحداث القصة في حارة شامية قديمة و معالجة قضايا اجتماعية خاصة في ذاك المجتمع و في ذلك العصر شيء عادي جدا ومقبول.  ولكن عندما نتكلم عن الثورة هذا أمر آخر.  وكأنك تخصص الثورة في الغوطة دون إطراء  الثوار في الجبال الذين ما نشف دماء شهداءهم بعد.  هذا لخبوط تاريخي كبير وكأنه يهدف إلى طمس الحقائق بشكل مقصود أو غير مقصود.    تحية للمثل القدير بسام كوسا الذي أبدع في الجزء الأول والذي نسينا إطراءه  عندما نتحدث عن هذا المسلسل فكان فيه الجندي المجهول.
☻لخبوط المذيعين والمذيعات:لا ادري كيف يكون لدينا في سوريا هذا العدد الكبير من الممثلين والممثلات ذوي المواهب العالية والطلة المميزة  و خفة الدم.  أما معظم المذيعون و المذيعات فهم على عكس ذلك حيث يبدون على الشاشة مكفهري الوجه و كأنهم على عجلة لاستخدام الحمام.  جلفين, ثقيلي الظل, و كأنهم سجانين.  لا أستطيع إخفاء إعجابي بالمذيعات والمذيعين اللبنانيين فهم سريعي البديهة,  خفيفي الدم دائمي الحضور في وسامة  و جمال واضحين.  أن نقلوا خبرا جيدا زادوه بهجة و إن نقلوا خبرا سيئا زفوه في لباقة متناهية , وان اختلفوا معك فيردوا في كياسة مهذبة للغاية.  ما عشت لا أنسى تلك الصحفية السورية التي أتت بصحبة مصور تلفزيوني تريد مقابلة معي قبل أحدى محاضراتي  في نقابة المهندسين. كانت المحاضرة خلال إحدى زياراتي للوطن و كانت للحديث عن إحدى أبحاثي في الهندسة المدنية في المهجر. دخلت هذه السيدة قبل المحاضرة كما يضرب الإعصار منزلا هادئ طلبت مقابلة معي للحديث عن موضوع المحاضرة دون التعريف عن نفسها فسألتها عذرا من انتم؟ أجابت ساخرة “محطة الجزيرة !” ثم تابعت “التلفزيون السوري طبعا” .

كان ردي “أهلا و سهلا ولكن الموضوع تقني للغاية و يهم المهندسون فقط.”  أصرت الصحفية على المقابلة وهي تبدو على عجلة من أمرها. بدأت المقابلة و أجبت على أسألتها المتعلقة في موضوع المحاضرة مستخدما ابسط التعبير و مبتعدا عن المصطلحات.  كان واضحا أنها لم تفهم شيء فعاودت الشرح في أسلوب ابسط فلم تفهمه أيضا.  اقترحت عليها أن تتفحص المحاضرة على الكمبيوتر لعلها تجد ما تبحث عنه ففعلت متأففة وبدلا أن تلوم ضعف ثقافتها سمعتها تتحدث إلى منظم الجلسة على مسمعي تتهمني في ركاكة التعبير ناسية أدأب المهنة في تعاملها وأني ضيف في برنامجها. الخلاصة شعرت بالاهانة و ما كان لي إلا أن أتجاهلها. وألقيت المحاضرة متحسبا أن أكون فعلا غير واضح في نقل أفكاري رغم ثقتي بنفسي و بمعلوماتي العالية في الموضوع.  انتهت المحاضرة و كانت ناجحة و مفهومة للجميع حيث تفاعل الحضور معها بكل حماس.  والى الآن لا ادري سبب تصرفات هذه السيدة العدائية لضيف في برنامجها.  حتما أرسلها الله لي كامتحان و مثال استخدمه عندما اكتب عن هذا اللخبوط.
☻لخبوط من ضيف برنامج:  رأيت مقابلة تلفزيونية مع احد المختصين في الثروة الحيوانية في سورية.  استعمل هذا الأستاذ مصطلحا “الحيوان السوري” إن الحيوان السوري كذا و الحيوان السوري ذاك… و الحقيقة وجدت نفسي اضحك من هذا التعبير مع مجموعة من الحضور حيث علق احدهم هل للحيوانات هوية إقليمية ؟ لم يبقى إلا أن نعطي للحيوانات هوية مذهبية.  لما لا؟  الحيونة جائزة في كل شئ .
☻لخبوط برنامج بايخ:  هذا المذيع الذي يلحق السائحين من مكان إلى آخر يُمطرهم بوابل من الأسئلة البايخة.  الحقيقة لا أستطيع إخفاء  امتعاضي عندما يأتوا السائحون و نبالغ في استضافتهم و القسم الكبير منهم “جُرب” لا يجلبون للبلد سوى التلوث والزحمة و القرف, ناهيك كيف يُعاملوا السائحين العرب في بلادهم.
☻لخبوط آخر في البرامج التافهة:  برنامج “خبرني يا طير”  لكم تساءلت ما هي الظروف التي تجعل أي إنسان يفقد أسرته فلم أجد سبب منطقي سوى غياب الذاكرة أو “الصياعة”.  مما رأيت في هذا البرنامج لم أجد حادثة واحدة تستدعي تكريس برنامج مكلف كهذا.  أينما كان الإنسان في هذا الكون يستطيع الاتصال بمن يحب في كلفة تعادل كلفة سندويشة فلآفل.  أي لخبوط هذا؟.
☻لخبوط كوميدي محزن: الكاميرا الخفية و المقالب الغليظة منها ما تجاوز الحدود إلى حد مقزز.  إثارة الناس بذوق رديء ليس مضحكا.
☻لخبوط وثائقي: في شغف كبير وحنين صادق للوطن كنت أتابع الاحتفالات في عيد الجلاء على شاشة الفضائية.  ولفت انتباهي لخبوط إن غاندي أرسل رسالة لإحدى رموز الثورة يقول فيها شيء كهذا ” أنا في شرق أسيا و أنت في غربها .و  .و… “.  الحقيقة هذا لخبوط لسبب بسيط إن غاندي لم يكن ثوري أبدا بل على العكس فلسفته سلمية بحتة و هذا ما جعل آراءه فريدة من نوعها في العالم.  مع احترامي الشديد لكل  رموز الثورة في سورية و لمساهمة كل منهم في الثورة والتحرير لا نحتاج إلى لخابيط لرفع شأن هذا أو ذاك.  أحداث الثورة معروفة و قائدها العام المرحوم سلطان باشا معروف و رموز الثورة طيب الله ثراهم معروفون  أمثال إبراهيم هنانو و صالح العلي و حسن الخراط… الخ.  ودور الدكتور الشهبندر كان عظيما والتمويل الجزئي من بيت المقدس للثورة كان رمزا حقيقيا للإخاء العربي و  و و و و.  دور الكثير من المتخاذلين معروف. للأمانة التاريخية يجب أن نحدث عن الثورة كحدث تاريخي متكامل سطره الأشراف والوطنيون السوريون. لأنه ببساطة كل فئة فيها المناضل و فيها المتخاذل و لكن في نسب مختلفة لا يعلمها إلا الله.  سواء ذكرنا الثورة في إطارها الشامل أو الجزئي يجب أن تبتعد الفصائل عن تشييد رموزها على حساب الآخرين. إطراء رموز الآخرين نادر و إن حصل الإطراء إما أن يكون منقوص وفي ترتيب غلط وطالما ُتلفظ الحقيقة في خجل شديد.  و ما أكثر اللخابيط في حق الثورة والثوار على الشاشة.
☻لخبوط إخراجي:  مشاهد “الاكشن” بشكل عام ضعيفة وتبدو مزيفة للغاية في معظم الحالات من مشاجرة و قتال وجرائم و مبارزة ولون الدم.
هذه بعض اللخابيط و اللخابيط كثيرة. أستعرض بعضها طلبا لثقافة الأمانة التاريخية في الكتابة و طلبا لمستوى خدمات أفضل لتكون شاشة التلفزيون السوري متألقة بين الشاشات والفن السوري رائد و يستقطب أنظار و قلوب العرب ويحتل مركزا عالي في العالم.

فكرة واحدة بخصوص “لخابيط على التلفزيون السوري و ملاحظات لمن شخبطها”
  1. اشكرك على حبك للبلد ومحاوله اعطاء وجهة نظر فيها من الصحه الكثير لكن لي تعليق بسيط هو ان المناطق المتكلم عنها هي كانت صغيره كالشاغور والغوطه فهذه كانت دمشق وهي التي حاربت بتلك الفتره وهي صاحبة البطولات مع احترامي للكل لكن يوجد تشويه بتاريخنا حيث نسبت بطولات كثيره لابطال مزيفين كثائر العلي الذي نسمع باسمه وهو من المناطق الجبليه لكن هو وغيره ممن زيف التاريخ لهم فكانوا بالجبال شمال غرب سوريا عندما كانت الحملات الصليبيه تغزو سوريا فقد كان صلاح الدين يحارب كانوا يغيرون على المناطق ويسقون وينهبون وصلاح الدين مشغول بالحروب الصليبيه وهم من الداخل يضربون وهم نفسهم الذين كانوا على صلة بفرنسا وقت الاحتلال ويدعون انهم مضطهدين ويكرهون الاسلام وسيساعدون الفرنسين ضد الثائرين والان يوضعون بمقامات الشهداء والوطنين وهذا اكبر خطا ان يكون حامي البلد حراميها وشكرا للجميع

اترك رد