هارون الرشيد وقصة ألف ليلة وليلة ما يزال يتحكم فينا بدون رشد ، هارون الرشيد وبلد الرشيد وبغدادالرشيد تغلغل في أعماقنا متلبسا بكل الأ بـهة الأسطورية ، إنه لم يعد اسما عَلَمَاً لشخص وإنما اسطورة عصر وحُكم يخاطب السحاب غير مبالٍ أنى ينـزل المطر فإن الخراج سيأتي إليه .
ويتحدى فرعون ويعطي ملك مصر الذي كان يفخر به فرعون لبعض عبيده ، ملكه ما بين الصين وبحر الظلمات إنه لم يعدملكا ولاخليفة وإنما اختلط بالخيال والـترف والتنسك بدون وعي ، تراث شعبي تجسد في قصص ألف ليلة وليلة ، القصور الخدم الحشم الجواري المغنيات وما شئت من خيالات من الحج سنة والغزو سنة أخرى .
ما شأن هذا كله وارتباطه بمؤتمرات القمم العربية والإسلامية ، وما العلاقة بين هذه الأحداث الخالية والمآسي الحالية ، وبما أن قصة هارون الرشيد تحول إلى خيال شعبي في قصة ألف ليلة وليلة فقد صار هارون الرشيد في خيال وأعماق كل عربي ومسلم وعنوان المجد التليد الغابر والحنين الدائم ، كنا ونحن أطفال نتغنى ببغداد يابلد الرشيد ومنارة المجد التليد ، مدينة السلام .
إن هارون الرشيد الخيال يقبع في قلب كل مسلم سواء شعر بذلك أم لم يشعر وسواء سمع باسمه أولم يسمع ، ولكن هذه البذرة والجينة حاملة الوراثة الثقافية في تخيل العز والمجد ، والوفاء والغدر وكل الأحلام ، ولما بلغ يحيى البرمكي خبر إعدام جعفر بن يحيى بأمر هارون ، وقع القلم من يده وقال : هكذا تقوم الساعة .
إن بغداد ودمشق تحملان خيالات المجد والغنى والسلطة والسعة والبسط .. لأن هذين البلدين كانا عاصمة العصر الذهبي في خيال المسلمين – وإن كان هذا العصر الذهبي عصرا قد فقد الرشد وإن كانوا يتمسحون به ويتسمون بالرشيد – حيث بدأ الانكسار للذمم وضياع الوفاء بالعهود من بعد معركة صفين إن كل هذا المجد المتخيل الذي طال خلال أجيال طويلة كان نتيجة جيل واحد من الذين استناروا بالرشد والأمانة وبقي عهد الرشد مقصورا عليهم حيث لم يضيع المسلمون معنى الرشد وإن فقدوا إلى يومنا هذا سبيل إعادة الرشد إن هذا الذي يقال عنه العصر الذهبي كان فاقد الرشد و على سنة هرقل ولم يكن على سنة الرشد .